تعريف الأسرة
تعددت التعاريف التي تقدم بها الباحثون، والكتاب، والمنظمات
المعنية بأمور المجتمع العالمي -كمنظمة حقوق الإنسان-
للأسرة، إلاّ أن تلك التعاريف كانت قد اختلفت فيما
بينها تبعاً لاختلاف المتبنَّيات التي يتبنَّاها أولئك المعنيون
بتعريف الأسرة، وكذلك تبعاً للغرض الذي وضع من أجله التعريف.
* وعرف البعض الأسرة بأنها:
«الجماعة الإنسانية المكونة من الزوج، والزوجة، وأولادهما
غير المتزوجين، الذين يعيشون معهما في
سكن واحد، وهو ما يعرف بالأسرة النواة
أما نحن وفي ضوء التعاليم الدينية يمكننا أن نقدم التعريف
التالي للأسرة هذه المؤسسة التي كانت ولاتزال محط الرعاية
والاهتمام من قبل الأديان السماوية جميعاً، فنقول:
* الأسرة: هي المؤسسة الاجتماعية التي تنشأ من اقتران
رجل وامرأة بعقد يرمي إلى إنشاء اللبنة التي تساهم
في بناء المجتمع، وأهم أركانها، الزوج، والزوجة، والأولاد.
تاريخ الأسرة:
لقد أجمع الباحثون في شؤون الأسرة على أن الأسرة تعد
«أقدم مؤسسة اجتماعية للتربية عرفها الإنسان.
أصالة الفرد أم أصالة الأسرة؟
إن ما سبق ذكره من اجماع الباحثين في شؤون الأسرة
على كونها المؤسسة الاجتماعية الأقدم التي عرفتها
المجتمعات الإنسانية، أمر لا سبيل لأحد إلى انكاره، فهو
مما يعترف به الجميع على اختلاف مشاربهم،
إلاّ أن هذا الأمر لا يمكن قبوله على علاته.
فمن يدقق في هذا الكلام يجد أنه يقود إلى القول بأن هناك فترة
زمنية كانت قد سبقت الحياة الاجتماعية عاش الفرد خلالها
حالة من العزلة، والحياة الفردية، ثم بعد ذلك جاءت
مرحلة الحياة الاجتماعية التي تعد تالية في الترتيب
الزمني للحياة الفردية. وهذا الأمر مما لا نعتقد به ولا
نقره بحال ونستدل على عدمه، بما ورد في الكتب السماوية جميعاً.
فالأديان جميعاً تذكر لنا بأن ول بادرة للعيش على
سطح الكرة الأرضية كانت اجتماعية.
فقصة نبي الله آدم معروفة ومذكورة في الكتب السماوية
جميعاً، في كيفية إنزاله من الجنة إلى الأرض وحلوله وزوجه فيها.
فآدم لم يعش يوماً بمفرده على سطح الأرض، وحواء لم تكن كذلك أيضاً.
بناءاً عليه تكون الأصالة على الأرض للأسرة لا للفرد،
ولذلك لا يصح القول، بأن الأسرة هي أقدم مؤسسة
اجتماعية للتربية عرفها الإنسان، إنما الصحيح هو أن
الحياة الاجتماعية هي الحياة الأصيلة على الأرض والأسرة
هي المؤسسة التربوية الأصيلة التي عرفها الإنسان.
أركان الأسرة:
اللازم على من يروم الخوض في موضوع الأسرة والتعريف
بها أن يعمد إلى البحث في اللبنات الأساسية التي تتكون
الأسرة منها كي يحصل على الإطار الصحيح لمفهوم الأسرة.
فالمعروف هو أن الزوج والزوجة «منسأتان رئيسيتان
في تكوين الأسرة، وعلى أكتافهما تتولد الأسرة وتصمد
أمام زوابع المشاكل، والزوجان بإمكانهما أن يصنعا من
الأسرة مرفأ للسعادة، ورافداً للخير وخليجاً للرفاه.
ثم بعد ذلك تأتي ثمرة هذا الرباط المبارك بين الزوجين ألا وهم الأولاد.
فأركان الأسرة بناءً على ما تقدم هي:
(1) الزوج.
(2) الزوجة.
(3) الأولاد.
أهمية الأسرة:
نظراً للأهمية البالغة، والمكانة الرفيعة التي تحتلها الأسرة
في المجتمع البشري، فقد كانت ولا تزال محط اهتمام
الكتاب والباحثين، الذين صبوا جلَّ اهتمامهم للأسرة
وقضاياها، وحل المشاكل التي من شأنها أن تقف حجر عثرة
في طريق الأسرة لتحول بينها وبين الهدف الذي تروم الوصول إليه.
لقد نشأت الكثير من العلوم أثر هذا الاهتمام المنقطع
النظير بالأسرة منها علم النفس التربوي.
فالأسرة هي «احدى العوامل الأساسية في بناء الكيان
التربوي، وإيجاد عملية التطبيع الاجتماعي.
كما أن الأسرة قد ساهمت بطرق مباشر في بناء الحضارة
الإنسانية وإقامة العلاقات التعاونية بين الناس، ولها يرجع
الفضل في تعلم الإنسان لأصول الاجتماع، وقواعد
الآداب والأخلاق، كما أنها كانت السبب في حفظ كثير
من الحرف والصناعات التي توارثها الأبناء عن آبائهم...
هذا وتمثل الأسرة للإنسان «المأوى الدافيء، والملجأ
الآمن، والمدرسة الأولى، ومركز الحب
والسكينة وساحة الهدوء والطمأنينة.
إن للأسرة من الأهمية في تنمية الطفل وبناء
شخصيته ما لا يمكن أن يصفه الواصف.
فالأسرة «كانت ولا تزال المؤسسة الوحيدة التي تعلِّم، وتهذب
الطفل، وتنقل إليه عن طريق الأب خبرات الحياة، ومهارتها
المحدودة، ومعارفها البسيطة.
كما أن للأسرة «الأثر الذاتي، والتكوين النفسي في تقويم
السلوك الفردي، وبعث الحياة، والطمأنينة في نفس الطفل، فمنها
يتعلم اللغة، ويكتسب بعض القيم، والاتجاهات...
فإليها يعود الفضل في تشكيل شخصية الطفل، واكسابه
العادات التي تبقى ملازمة له طول حياته. فهي البذرة الأولى
في تكوين النمو الفردي، وبناء الشخصية، فإن الطفل في
أغلب أحواله مقلد لأبويه في عاداتهم وسلوكهم فهي
أوضح قصداً، وأدق تنظيماً، وأكثر احكاماً من سائر العوامل التربوية
أنماط الأسرة:
هناك أنماط مختلفة للأسرة، تختلف باختلاف الفترة الزمنية
التي عاشت فيها الأسرة، وكذلك تبعاً للهيئة التي تحل
فيها الأسرة. ولكن الأنماط السائدة للأسرة هي:
(1) الأسرة الممتدة:
(2) الأسرة النووية: وهي الأسرة التي تتصف بعمومها في كل المجتمعات.وظائف الأسرة:
للأسرة على مر العصور وظائف تكفلت بها، وتختلف هذه
الوظائف باختلاف المراحل الزمنية، والعصور التي
تعاقبت على الأسرة، وتختلف كذلك باختلاف البيئة
الطبيعية والاجتماعية التي عاشت الأسرة فيها...
فالأسرة القديمة كانت وظائفها تشتمل على معظم نواحي
الحياة، فقد كانت «تتمثل فيها جميع السلطات الدنيوية، والدينية.
كما كانت الأسرة تقوم كذلك «بواجب التربية من الناحية
الصحية، والجسمية فيوفر الأبوان لطفلهما الطعام،
والشراب، والكساء، والمأوى، ثم تعليمه المهنة التي
يعيش بها في المستقبل، وغالباً ما تكون مهنة الوالد،
على حين تتعلم البنت أمور البيت وقد تساعد في أعمال الزراعة مع أمها
كان ما تقدم ذكره عرض موجز لوظائف الأسرة في المجتمعات القديمة.
أما في المجتمعات الحديثة فقد تقلص دور الأسرة حتى
بدأت تفقد الكثير من وظائفها وهذا مما يؤسف له حقاً.
ففي الوقت الذي يفترض فيه أن يترعرع الإنسان في
حضن الفضيلة في أسرته، تحاول الأبواق المضلة
سلب هذا الحضن الدافيء من الإنسان، بالإضافة
إلى تلك الأبواق ساهم اعطاء المرأة دوراً لا يتناسب
مع تكوينها العضوي والنفسي -حتى غدت لا تفترق-
فيما يلقى من واجبات على عاتقها عن الرجل بحال
- في أن يفقد الأولاد دفء ذلك العش الفريد الذي كان
يجب أن ينعم بدفئه فترة نشأته كلها.
إن هذه الأسباب وإن أثرت أثرها في المجتمعات الغربية، إلاّ
أن مجتمعاتنا العربية والإسلامية بقيت الأسرة فيها تحتفظ
بأغلب وظائفها إلى الآن. وإذا كان لتلك الصيحات صدى
في بعض الأوساط، فإنما كان ذلك بسبب تنصل
هذا البعض من دينه. فمن الوظائف التي تتكفل بها الأسرة:
(1) انجاب الأطفال: فإنه من الأغراض الأساسية التي من
أجلها شرع الزواج، وهيئت المقدمات لأجله
حفظاً للنوع الإنساني من خلال الانجاب.
(2) التنشئة الاجتماعية الصحيحة في ظل التعاليم الأخلاقية
الفاضلة، والتي تساعد على دعم المجتمع باللبنات
الصالحة التي تساهم في بناءه، والصعود به إلى مراقي
الكمال، لا إلقاء الأطفال ليكونوا عالة على المجتمع، وعقبة في طريق تقدمه.
(3) حماية هذه المؤسسة المقدسة أبنائها قبال كل ما من
شأنه محاولة هدمها، من الأخطار الخارجية والداخلية.
(4) وظيفة التربية والتعليم: فعلى الرغم من نشوء
المؤسسات التعليمية في العالم، إلاّ أن الأسرة
تبقى هي المعلم الأول لمن تنجبه من الأبناء.
(5) اعداد الأولاد وتهيئتهم للمشاركة في حياة
المجتمع والتعرف على قيمه وعاداته.
ودمـتـم بـود ..